الأربعاء، 25 فبراير 2009

وجه الموتـــــــــــــــــــــــــ

viva_forever_copy عاد ليرى والده ... النظرة الأخيرة

كانت تتحدث عن ابن خالها الغائب منذ عشر سنوات في التشيك ,,أرسلوا إليه ليرى والده الذي توفي أمس ؛فهو لم يراه منذ تلك الفترة .

كم هي مؤلمة هذه النظرة ، ستطبع بذاكرته إلى الأبد ،ستختفي من ذاكرته كل صور والده السابقة ؛ضاحكاً ..عابساً ..متألماً ..كل الصور القديمة ستتلف من ذاكرته ،وسيبقى وجه الموت .

وجه الموت الذي لا يملك أي تعابير ؛ فهو مجرد استسلام بحت ، استسلام لهذا القاهر ، الذي لا يملك أحد الهروب منه .

"يطوقنا الحزن ..

هم يرحلون لا يدركون مأساتنا بعدهم لا يدركون أي شتاء يغلفنا ببرودته بعدهم هم فقط ، يرحلون يمضون تتسلق أرواحهم إلى السماء لتجذب أرواحنا كمغناطيس هم فقط ينثرون الورود داخلنا ويمضون ، يمتطون صهوة الرحيل ويلجمون أحاسيسنا بداخلنا تماما هنا تماما في منتصف الحلم" *

نعم هذا ما يحدث ، فالموت قضية الأحياء لا الموتى ،هم يرحلون ..ربما يرتاحون ،لكن من ورائهم حتماً لا يرتاحون ؛ تصبح ذكراهم ناقوس الم ينغرس أعمق فأعمق في قلوبنا ؛ كلما دقت رياح ذكراهم في القلوب ..

كيف ستكون رحلته الطويلة تلك ،من براغ إلى باريس إلى بيروت إلى عمان إلى مكان صعدت به روحك إلى السماء ...

كيف ستكون تلك المطارات في ظل شبح موت يغلف قلبه وعقله .

كيف ستكون صور المغادرين من حوله ...سواح فرحين يهون جمع صور بلاد بعيدة غريبة، أزواج يتلهفون لقضاء شهر عسل بمكان جميل بلا هم ولا كدر ولا حتى فكرة موت .

أطفال ، طلاب ، أغراب ،،

كل هذه الوجوه تحدك من كل الجهات في كل قاعة انتظار تهبط بها روحك ،وأنت وحدك وحدك من يحدك الموت من كل الجهات .

تمر حياتك أمامك كفيديو كليب لمخرج هاو.،ترى نفسك طفلاً ..تجذبك فرحة والدك الأولى بقدومك إلى عالمه تتابع مسار حياته ..

ضحكتك الأولى ..لعبتك الأولى ..كلمتك الأولى ..خطوتك الأولى .

فرحه بدخولك المدرسة ..نجاحك

نراه حزيناً لألمك ..لسفرك ..لغيابك ..لبعدك ..

وحدك غارقاً بأفكارك ،بأحزانك .بذاك الوجه الذي ينتظرك بارداً؛ قاضياً ليلته في ثلاجة منتظراً عودتك حتى تراه وتشعر بك روحه

لربما تبكيك ..كما تبكيه

لربما تحتضنك ..كما تحتضنه

لربما تقول لك ،لقد تأخرت كثيراً عن هذا الحضن الذي لطالما حلم بك بين ذراعيه .

بعد ثلاثة أيام ..

ستغادر ،ستعود إلى حياتك ..إلى عالمك البعيد ..إلى غربتك .

ولن يبقى في حياتك إلا صورة والدك دامعاً لفراقك .

صورته الأخيرة

وجه موته ....

مؤيد الشمالي

الاربعاء 25-2-2009

30"8 صباحاً

 

* مريم الشحي- انثى ترفض العيش رواية تحت الطبع –دار الفارابي 2009

ليست هناك تعليقات: