تجمعين ما تبقى من ذكريات وتلملمين بقايا صور في حقيبة سفر ، تهربين من كل العيون ، وتطاردك شوارع المدينة .
كل تلك الايام المسروقة من اعمارنا ، تنسل من بين يديك كـــ غرفة ماء عذب .
صرختك الاولى ، شقاوتك ، لعبك ، حزنك ، حبك ، احلامك المؤودة ، لم يبق منها شيء ...
فقط حقيبة سفر ملائ بمتاع لا حاجة لك به ، تاركة خلفك كل شيء .
منذ وعيت الدنيا وانتي مهرتي الصغيرة ؛ مهرتي التي حملتني أيام وجعي على خصرها الذاوي كـــ بقايا شمس ترفض المغيب .
كنت قوتي وفرحي ... كنت طفولتي المسلوبة ، التي قاتلتي لكي احياها .
دلفت ممر الحياة الضيق قبلي بثلاث سنين ، فكنتي دليلي ونور عيوني التي تضيء لي درب الامي الموحش .
كل تلك الايام تتسرب الان امامي كـــ خيط من سراب ، اطارده لامسكه وابقيه داخل قلبي ، واحفظه من آفات الموت والنسيان .
سمرائي
أعرف انكي لن تقرأني هنا ، لكنك لطالما قرأتني ..
قرأتي عيوني التي اذبلها الوجع ، قرأتي روحي الغريبة وانا بين اقرب الناس لي .
قرأتي خوفي وهذياني ..
قرأتي أملي والمي .. جنوني وعقلي
والان .. تمحين كل حروفي ، كل كلماتي لا قيمة لها الان ؛ وانتي تزرعين مسافات الوجع بيننا ، لاماكن غريبة عنا .
يافرحتي الذاوية
من سيدافع عني والامطار تعصف بي ، وانا اصرخ بك .. لما تركتي خوفي مرتعا لفرسان الليل .
الست من هجم على ذاك الصغير الشرير كـــ لبؤة تخاف على صغارها ، رفعته عن الارض لانه ابكاني ، ورأيتي دموعا كـــ حب الندى تسيل على خدي .( لما ضربته سألوك ... ليش بيقول عن اخوي اعرج ) ببرأة الملائكة ووجع الحياة .
والان يا مها ..لما تتركيني والحياة كلها تعرج بي ، وتصرخ بي ... ايها الغريب المتوحد بألمك ، مالذي تبقى منك .
الآن اجلس وحيداً متوحداً بألمي ، لا احد يدري ما يعتري صدري من بركان ،
جسدٌ مرتجف ، وروحٌ تتقلب على حواف النار ، كـــ رقصة نار تهفو بها راقصة فلامينجو أندلسية الهوى .
أراكي انا الان ، تتأبطين أيامك ، وتخرجين لماضي جديد .
مها
بعدك لن يبقى هناك متسع لوداع آخر .
ستصمت كل البلابل في قلبي ، وستهجرني كل الضحكات الصغيرة الملتبسة ، والمتسللة كـــ سارق مبتدئ .
ستهاجر الافراح معك ، وتختار الاحلام احدى زوايا حقيبتك ، لترقد فيها بسلام ابدي .
سمرائي الصغيرة
لن أرسم لكي بوداعي صورة جديدة ، مثقلة بالدموع والاحضان المؤودة .
لن اودعك لاني لن استطيع أن أترك حضنك أخيرا ، وانا اعلم ان حضنك سيهجرني ويمضي ، يمضي كــ طيور مهاجرة لبلاد بعيده .
يسكنني البرد أخيتي ، بل يختارني وطنا اخيرا له ، وسيملأ هذا القلب وجعاً والماً وطيوراً من حرمان .
تعبت وتعبت وتعبت ... لكنه يبقى خيارك
وداعاً... صديقتي، صغيرتي ، حبيبتي، رفيقة طفولتي ، مهرتي، سندي ،قوتي، ضعفي، فرحي، حزني ...
وداعا... روحي المبللة بدموع قلب ، لم يزل يبكي كــ طفل يتيم ليلة عيد ...
وداعا... وكل احلامي الجميلة أهبها لقلبك الصغير ....
الصورة لـــ :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق